بين سيف القانون ووعي المستخدم: هل تُنهي الملاحقات قضية المحتوى التافه في المنصات؟
أشاد الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بقرار توقيف “التيكتوكر مولينيكس”، الذي أحاله قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بطنجة على المتابعة في حالة اعتقال بتهم ثقيلة، معتبرين الأمر خطوة في الاتجاه الصحيح للضرب بيد من حديد على مروجي “السفاهة والميوعة والانحراف”، الذين يهددون المجتمع وقيمه الأصيلة.
واعتبر العديد من الحاضرين على “السوشل ميديا” أن فتح ملفات هذه الفئة من مروجي “الفساد الأخلاقي وتشجيع القاصرين على الانحراف”، في الآونة، يمثل صحوة متأخرة لمواجهة مخاطر ما يروج في الفضاءات الافتراضية من سموم وأمراض تتربص بمستقبل البلاد والعباد.
بل أكثر من ذلك؛ تقاطرت التعليقات بعد تداول الخبر مطالبة بـ”إنزال أقسى العقوبات في حق كل من تورط في هذا النوع من الجرائم التي باتت تفتك بالمجتمع وأخلاقه وقيمه الجامعة”.
تعليقا على هذا النوع من المتابعات سجلت نجاة أنوار، رئيسة منظمة “متقيش ولدي”، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المغرب يعيش اليوم “صحوة حقيقية”، مؤكدة أن المجتمع والدولة معاً “أدركا أن ترك المجال مفتوحاً أمام المحتوى المنحرف يهدّد تربية الأجيال ويشوّه قيمنا”.
واعتبرت أنوار أن ما يجري اليوم “ليس مجرد ردّ فعل، بل وعي جماعي بأن حماية الطفل خط أحمر لا يمكن التساهل معه”.
واستدركت الفاعلة الجمعوية والناشطة الحقوقية: “لكن هذه الصحوة لن تكون فعّالة إلا إذا رافقتها عقوبات صارمة ورادعة”، معتبرة أن “من يشجع القاصرين على الانحراف أو يستغلهم عبر ‘السوشل ميديا’ لا يمكن
التعامل معه بخفة”.
وشددت المتحدثة ذاتها على أن “العقوبة الواضحة هي التي تحمي المجتمع، وتمنع تكرار السلوك نفسه”، وأفادت بأنها “تبعث رسالة قوية بأن المغرب لن يقبل العبث بأطفاله”.
كما أوردت أنوار أنه “يجب في الوقت نفسه أن يستمر العمل على التربية الرقمية داخل المدارس، وتحمل المنصّات مسؤوليتها، وتشجيع المحتوى الذي يقدم نماذج سليمة لأبنائنا”، وتابعت بأن حماية الطفل “التزام دائم، وأول خطوة فيه هي ردع كل من يعتدي على براءته أو يهدد مستقبله”.
من جهته قال أحمد شراك، عالم الاجتماع، إن “الأفكار لا يمكن أن مواجهتها إلا بالأفكار؛ والتمثلات لا يمكن محاربتها إلا بالأفكار المضادة وبالتمثلات المضادة، وفق منظومة فكرية قائمة على الكشف وعلى إفحام مروجي أفكار منحرفة تمس بالقيم الرئيسية لمجتمع من المجتمعات”.
وأضاف شراك أن “مروجي الأفكار المنحرفة في وسائل التواصل الاجتماعي لا يشكلون هامشا، لأن الهامش يكون دائما ثوريا ويسير نحو الأمام ويتجاوز المعطيات القائمة التي تكون بالية أو متخلفة أو متجاوزة أو رديئة”؛ كما سجل أن “المبدأ الأساس هو احترام حرية التعبير وحرية القول والتفكير، فضلا عن حرية المعتقد؛ لكن البعض تجاسر وأصبح لا يراعي المنظومة القيمية والذاكرة الثقافية والمواضعات السلوكية التي اعتادت عليها جماعة ما أو شعب ما، خاصة تلك الخطابات الموجهة للطفولة المغربية من أجل دفعها إلى الانحراف وممارسة سلوكات متمردة على الأسرة وقواعد المجتمع العامة، انطلاقا من تأويل سلعة فكرية خارج الحدود”.
وشدد عالم الاجتماع ذاته على أن “هناك من سمى هذا العصر عصر التفاهة، أي إن المتتبع لكثير من محتويات وسائل التواصل الاجتماعي قد يصاب بالدوار والغثيان؛ انطلاقا من مستوى ناقص للغة، وتسمية الأشياء بمسمياتها، انطلاقا من اللغة المكتسبة في المجتمع؛ فضلا عن الخدش العلني والمباشر لكثير من القيم ولكثير من النماذج السلوكية السائدة في المجتمع”.
