مقبرة الأصوات الحرة.. وسيناريوهات "الخيال العلمي"
بين "دبابة" المهداوي وزنازين الحكومة: هل أصبح الكلام جريمة عقوبتها الإعدام البطيء؟
في مغرب 2025، سقط القناع تماماً. لم نعد نتحدث عن "تجاوزات" فردية أو "أخطاء" قضائية. نحن أمام منهجية حكم واضحة ومرعبة. في عهد حكومة عزيز أخنوش، تحول مفهوم "حرية التعبير" من حق دستوري إلى "فخ" يوقعك إما في السجن، أو في الإفلاس، أو في مستشفى الأمراض العقلية من هول ما ستسمعه من تهم.
لقد طورت السلطة آلة القمع لتصبح "مفرمة" لا تستثني أحداً. من الصحفيين الكبار إلى المدونين البسطاء، ومن المحامين الشيوخ إلى الشباب الغاضب على فيسبوك. القاسم المشترك بينهم؟ قالوا "لا".
🎬 الفصل الأول: حميد المهداوي.. بطل في مسرحية "اللامعقول"
قبل أن نفتح "اللائحة السوداء"، يجب أن نتوقف عند القمة.. قمة العبث. قضية حميد المهداوي ليست مجرد محاكمة، بل هي دليل إدانة لذكاء الدولة قبل عدالتها. عندما عجزوا عن إيجاد ملف فساد لهذا الصحفي المشاغب، وعندما فشلت محاولات تشويهه أخلاقياً، لجأوا إلى سيناريو لا يجرؤ حتى مخرجو أفلام "بوليود" الهندية على كتابته: "الدبابة الروسية".
تخيلوا قاعة محكمة في الدار البيضاء، تناقش بكل وقار مكالمة هاتفية من مجهول "يهلوس"، يزعم أنه سيدخل دبابة حربية من روسيا إلى المغرب!
دبابة؟ كيف؟ في حقيبة ظهر؟ عبر البريد السريع؟ المهداوي صرخ ساخراً: "واش هادي دولة ولا روض أطفال؟!". الجميع ضحك، لكن الحكم كان مبكياً. سنوات من السجن بتهمة "عدم التبليغ عن جناية خيالية". واليوم، في 2025، يلاحقونه بـ"المقصلة المالية" (غرامات وتعويضات بالملايير لصالح وزير العدل وهبي)، في رسالة واضحة: "سخرت من دبابتنا الوهمية؟ ستدفع ثمن الضحك من قوت أولادك حتى تفلس."
🏴 الفصل الثاني: القائمة السوداء.. حصاد سنوات "تكميم الأفواه"
المهداوي ليس وحيداً. في عهد هذه الحكومة، امتلأت السجون بأكثر من 10 أسماء بارزة، كل ذنبهم أنهم فتحوا فمهم، أو كتبوا تدوينة، أو حملوا ميكروفوناً. إليكم "لائحة الشرف" التي حاولت السلطة تحويلها إلى "لائحة عبرة":
محمد زيان: النقيب والوزير السابق، الثمانيني الذي لم يشفع له سنه ولا تاريخه. تجرأ على انتقاد الأجهزة الأمنية بحدة، فُسحب من مكتبه إلى السجن بتهم متراكمة. رسالة مرعبة: حتى الكبار يسقطون.
سعيدة العلمي: الناشطة الشجاعة التي رفضت الصمت. حوكمت وسجنت بسبب تدوينات انتقدت فيها البوليس والقضاء. ذنبها؟ "إهانة هيئات منظمة".
رضا الطاوجني: "يوتيوبر" أكادير الذي نبش في عش الدبابير (قضية "إسكوبار الصحراء"). بدل أن يُشكر على كشف الفساد، وجد نفسه محكوماً بالسجن النافذ بتهم انتحال صفة وتشهير.
عبد الرحمن زنكاض: عضو جماعة العدل والإحسان، سُجن 5 سنوات قاسية بسبب تدوينات تنتقد التطبيع وتناصر فلسطين. في عهد هذه الحكومة، التضامن أصبح جريمة.
ربيع الأبلق: صوت حراك الريف الذي لم ينطفئ، حوكم مجدداً بسبب تدوينات اعتبرت "إخلالاً بالاحترام الواجب للملك".
فاطمة كريم: مدونة حكم عليها بالسجن عامين بسبب منشورات فيسبوكية اعتبرت مسيئة للدين، في تأويل متشدد لقانون النشر.
يوسف الحيرش: مدون آخر وجد نفسه خلف القضبان بسبب تدوينات انتقدت سياسات الدولة الخارجية والأمنية.
سليمان الريسوني: (قبل العفو) قضى جزءاً كبيراً من ولاية هذه الحكومة مضرباً عن الطعام، يصارع الموت في زنزانته، بينما الحكومة تتفرج ببرود.
عمر الراضي: (قبل العفو) الصحفي الاستقصائي الذي لاحقته تهم التجسس والاغتصاب في ملف واحد، ليعيش الجحيم لسنوات تحت حكم هذه الفترة.
توفيق بوعشرين: (قبل العفو) مؤسس "أخبار اليوم"، الذي استمرت معاناته وسجنه طيلة النصف الأول من ولاية هذه الحكومة، كرمز لما يمكن أن تفعله الدولة بقلم نافذ.
فؤاد عبد المومني: الاقتصادي والحقوقي الذي لم يسلم من التوقيف والتحقيق وتهم "نشر ادعاءات كاذبة" حتى وهو في خريف العمر، فقط لأنه انتقد.
⚠️ الخلاصة: من التالي؟
هذه القائمة ليست مجرد أسماء. إنها خارطة طريق للقمع.
هل أنت محامٍ؟ (انظر زيان).
هل أنت صحفي؟ (انظر المهداوي والراضي).
هل أنت مدون عادي؟ (انظر العلمي وكريم).
هل أنت مواطن غيور على فلسطين؟ (انظر زنكاض).
لا أحد بمأمن. في مغرب 2025، تحت حكومة "الكفاءات"، الكفاءة الوحيدة التي أثبتوها بامتياز هي كفاءة السجّان. لقد حولوا الوطن إلى قاعة انتظار كبيرة.. ننتظر فيها جميعاً دورنا، ونتساءل برعب: أي تهمة سيختارون لي؟ هل ستكون تهمة جنسية؟ أم جاسوسية؟ أم سأكون أنا مهرب "الغواصة" القادمة؟
الصحافة ليست جريمة.. لكن في المغرب، الحقيقة أصبحت عملاً انتحارياً.